الأحد 18 أيلول , 2022 01:58

مرتكبو المجازر حصلوا على جائزة نوبل "للسلام"!

ميدالية نوبل

يقف المجتمع الدولي طرفاً واضحاً منحازاً الى كيان الاحتلال ومسؤوليه الذين لم يجدوا من يسألهم أو يحاسبهم على المجازر وجرائم الحرب التي ارتكبوها منذ قيام هذا الكيان على أرض فلسطين المحتّلة عام 1948. لكنّ اللافت أيضاً هو أن زعماء الحروب الإسرائيليين حصلوا على جائزة نوبل "للسلام"!  

عام 1978، وبذريعة توقيع اتفاق التطبيع مع النظام المصري ورئيسه أنور السادات، حصل رئيس وزراء الاحتلال في تلك الفترة مناحيم بيغن على جائزة نوبل "للسلام". وبيغن هو يهودي من اليمين المتطرّف ومؤسس حزب "الليكود" (الذي يتزعّمه اليوم بنيامين نتنياهو). كما أسس منظمة صهيونية عسكرية "أرجون" كان لها الدور في تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه. والأهم أن هذه المنظمة هي المسؤولة عن المجزرة الكبيرة والمعروفة في منطقة "دير ياسين" (أراضي الـ 48) التي قتل خلالها حوالي 360 فلسطينياً بينهم أطفال ونساء.  

وإن كان المجتمع الدولي لا يعترف بحقوق ومظلومية الشعب الفلسطيني، فإن المنظمة اغتالت ممثل هيئة الأمم المتحدة السويدي الكونت برنادوت في 17 أيلول / سبتمبر من العام 1948، بعد أن قدّم الأخير اقتراحات لهيئة الأمم لـ "حل الصراع بين اليهود والفلسطينيين"، ولم تعجب هذه الاقتراحات بيغن واليهود. وتابع "الحاصل على نوبل للسلام" مسيرته السياسية، فخلال ولايته في منصب رئيس الحكومة الممتدة من العام 1977 لغاية العام 1983، أدار بيغن قصف الجيش مفاعل النووي العراقي عام 1981، كما أدار اجتياح لبنان عام 1982.

كذلك حصل إسحاق رابين على هذه الجائزة بعد توقيعه لاتفاق أوسلو مع رئيس حركة "فتح" الراحل ياسر عرفات عام 1994، كان رابين رئيس حكومة آنذاك. لكنّ تاريخه يشهد بأنه "أحد مهندسي ومخططي ومنفذي عملية ترحيل الفلسطينيين" حسب ما ذكر المؤرخ اليهودي إيلان بابي في كتابه "التطهير العرقي لفلسطين". وعام 1948 كان رابين قائدا لسرية "هارئيل" التي قاتلت في منطقة القدس المحتلّة. وخلال حرب عام 1967 كان رابين يشغل منصب رئيس أركان جيش الاحتلال.

في المناسبة نفسها حصل شمعون بيريز (الذي كان وزير التعاون الإقليمي) أيضاً على هذه الجائزة. ويعدّ بيريز من الأشخاص الذين ساهموا في تأسيس الكيان والحركة الصهيونية اذ عمل مع ديفيد بن غوريون وليفي أشكول. وأسّس المنظمة الصهيونية "الهاجاناه" التي شاركت منظمة بيغن في اغتيال ممثّل الأمم المتحدة الى جانب العديد من مجازر التطهير العرقي بحق الفلسطينيين.

فيما لم يحالف "الحظ" ارئيل شارون كأسلافه للحصول على الجائزة بعد ترشيح اسمه في العام 2005 بذريعة عملية انسحاب الاحتلال من قطاع غزّة. وكان شارون الذي شغل منصب رئيس حكومة الاحتلال عام 2000 قد اقتحم المسجد الأقصى في القدس المحتلّة مستفزاً مشاعر الشعب الفلسطيني والمسلمين في العام 2000 واندلعت بعدها الانتفاضة الفلسطينية الثانية. وسبق وأن قاد شارون (وزير حرب الاحتلال عام 1982) مجزرة مخيمي "صبرا" وشاتيلا" في لبنان وهي من أكبر وأفظع المجازر في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي لحجم العنف والاجرام الذي ارتكب بحق الفلسطينيين واللبنانيين وأشخاص من جنسيات عربية مختلفة. وله ايضاً تاريخ في المستوى العسكري للاحتلال.

ليس مسؤولو الكيان  المتورطين بدم الشعب الفلسطيني وغيره، هم من حصلوا فقط على الجائزة، إنما حصل عليها أيضاً الرئيس الأمريكي باراك أوباما عام 2009 "تقديرا لجهوده الاستثنائية في تعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون فيما بين الشعوب"، فيما كانت القوات العسكرية الأمريكية تتمركز في العراق وأفغانستان. بالإضافة الى ذلك، حصل عليها هينري كسينجر عام 1973 عندما كان وزير الخارجية الأمريكية بحجة متابعته لمفاوضات وقف إطلاق النار في فيتنام.  كما حصل على الجائزة أيضاً الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر عام 2002.

ما هي جائزة نوبل "للسلام"؟

جائزة نوبل للسلام هي إحدى جوائز نوبل الخمسة التي أوصى بها المهندس الكيميائي النرويجي ألفرد نوبل قبل وفاته عام 1896. تمنُح جوائز "نوبل" من قبل الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم والأكاديمية السويدية ومعهد كارولنسكا ولجنة نوبل النرويجية، وذلك للأفراد والمنظمات ذوي الإسهامات البارزة في مجالات الكيمياء والفيزياء والأدب والسلام والفسيولوجيا أو الطب.

لا تعرف أسباب اختيار نوبل للسلام كأحد مواضيع جوائزه. يُفسّر البعض أن نوبل أراد أن يعوض تنامي القوة المدمرة لأنه مخترع الديناميت. فتمنح جائزة السلام للشخص الذي قام في السنة السابقة "بأكثر أو أفضل عمل للتآخي بين الأمم، من أجل إلغاء أو تخفيض الجيوش الدائمة ومن أجل عقد السلام والترويج له".

يحصل الفائز بجائزة نوبل على ثلاثة أشياء هي: دبلوم نوبل، وهو قطعة فنية، وميدالية نوبل، التي تحمل تصميمات فنية متنوعة، وجائزة نقدية قيمتها حوالي 1.1 مليون دولار. وتقدّم الجوائز في ستوكهولم وأوسلو في احتفاليات تقام في العاشر من كانون الأول / ديسمبر من كل عام (ذكرى وفاته). ومنحت لأول مرة سنة 1901.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور