الخميس 26 أيار , 2022 05:40

عضو في الكنيست: إيران دولة كبيرة واعتماد القوة معها سخافة

البرنامج النووي الايراني

لا يزال الموقف الرفض لتوقيع دول الغرب الاتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية يتصدّر التصريحات الرسمية في الكيان المؤقت. لكنّ هذا الموقف يتعرّض لانتقادات قاسية على لسان المحللين والخبراء الإسرائيليين وكذلك للكتّاب في الصحافة العبرية، حيث يشار الى هذا التعنّت في الموقف بالقول "مشكوك أن يكون شخص خبير وعاقل واحد لا يعتقد أن الاتفاق، مهما كان اشكاليا، أفضل من الواقع الحالي".

ويتابع عضو الكنيست عوفر شيلح في مقاله في صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية أن "إيران هي دولة كبيرة، إسرائيل لن تنزلها على ركبها... لن تدمر إسرائيل برنامجها النووي بضربة عملية عسكرية،ويصف أن الاعتماد الدائم لمبدأ القوة معها "سخافة".

المقال المترجم:

إذا ما كانت لإيران ذات يوم - لا سمح الله - قنبلة نووية سيتعين على إسرائيل اجراء حساب عميق للنفس باي قدر ساهم سلوكنا، بالقول وبالفعل، في نشوء خطر وجودي. فالموضوع الإيراني، الذي يفترض ظاهرا بأفضل العقول أن يعنى بتصميمه انطلاقا من رؤية واسعة وعديمة الاعتبارات الغريبة، هو عمليا مسيرة السخافة الإسرائيلية.

لنبدأ بمسألة الاتفاق المتبلور بين إيران والغرب. بعد خروج ترامب من الاتفاق السابق بدفع من إسرائيل، نتائجه – إيران أقرب من أي وقت مضى الى كمية التخصيب اللازمة للقنبلة (وان لم يكن للعناصر الاخرى من السلاح النووي) – مشكوك أن يكون شخص خبير وعاقل واحد لا يعتقد أن الاتفاق، مهما كان اشكاليا، أفضل من الواقع الحالي. اتفاق كهذا سيعيد إيران الى الوراء في مسار التخصيب، يستأنف الرقابة الدولية وأساسا يؤجل الامكانية في أن تقرر إيران حقا الاقتحام الى القنبلة. هذا بالضبط ما حصل بعد الاتفاق السابق. لكن الحكومة الحالية، مثل سابقاتها، تواصل القتال ضد الاتفاق. ربما لان أحدا لا يريد أن يبدو وكأنه "ضعيف امام إيران".

 إبعاد إيران عن القنبلة هو هذا الهدف ذو الاهمية الخاصة لكنه يختفي منذ زمن في جملة مواضيع اخرى أهميتها طفيفة بالنسبة اليه.

المعركة حيال الإيرانيين تحولت منذ زمن بعيد من وسيلة الى غاية، رغم أن بعضاً من المحافل الخبيرة تعتقد أنها استنفذت نجاعتها منذ الان؛ لكن في إسرائيل لا يتوقف استخدام القوة في أي مرة. والان يتحدث محيط رئيس الوزراء عن نظرية "ألف قطعة صغيرة" والتي في إطارها تنفذ إسرائيل أعمالا هجومية في إيران.

لا يدور الحديث بالضرورة عن تصفية كهذه او تلك – إصابة يوجد فيها ما يعيد البرنامج النووي الى الوراء يمكنها أن تكون ذات قيمة. منذ زمن غير بعيد تحدثت محافل رفيعة المستوى، خلال الأنباء عن هجمة سايبر ضد محطات وقود في إيران، بأن إسرائيل تحاول المس برفاه الطبقات الاجتماعية – الاقتصادية العالية في الدولة. "قشطة طهران"، كي يؤثر هؤلاء على النظام. في مكان آخر كان هذا سيسمى ارهاب؛ في كل مكان مهما كان – هذه أعمال سخيفة.

جذور المشكلة هي في الجمود الفكري في استخدام القوة كطريق وحيد لتحقيق غاية سياسية بتبجح لاحتياجات داخلية، وبحديث بلغة الحسم ("سنحمل النظام الى وضع يتعين فيه عليه أن يختار بين القنبلة وبين البقاء"، على حد قول بوغي يعلون). إيران هي دولة كبيرة، مع تاريخ طويل ورؤية لقوة عظمى. إسرائيل لن تنزلها على ركبها، مثلما لن تدمر إسرائيل برنامجها النووي بضربة عملية عسكرية – شبه هذيان آخر، شبه دعاية لاحتياجات داخلية، أنفق عليها المليارات عبثا.

درء للشك: قنبلة نووية في أيدي النظام في إيران هي خطر جسيم على إسرائيل. ينبغي عمل كل شيء لمنعها. لكن هذا لن يحصل بعمليات ارهاب. إيران تحاذي من جهة دولة سنية نووية (باكستان) ومن الجهة الاخرى قوة عظمى اقليمية سنية مع سمات الاخوان المسلمين (تركيا). لها مصالح مع روسيا والصين، وخصومات اقليمية شديدة. مع خصم كهذا ينبغي الوصول الى توازن، وحياله استخدام معركة واسعة وذكية انطلاقا من اعتبار واحد ووحيد: ما الذي سيبعد النظام عن أن يقرر الوصول الى قنبلة؟

لقد علمنا التاريخ أن من يقرر الحصول على سلاح نووي، سيحصل عليه. وفقا لكل المؤشرات فان إيران ليس فقط لم تقرر ذلك بعد، بل تمتنع عن قصد عن الوصول الى لحظة القرار. وبدلا من توجيه كل شيء كي لا تصل الى هناك، نحن نستخدم القوة فقط – الامر الذي يبعدنا عن المفاوضات التي يجريها معها العالم ومن شأنه بالذات أن يقرب النظام من هذا القرار. هذه مسيرة سخافة وقعت في مطارحنا في مواضيع أخرى أيضا؛ غير أنها في السياق الإيراني من شأنها أن تنتهي بنتيجة أخطر بلا قياس.


المصدر: يديعوت أحرنوت

الكاتب: عوفر شيلح




روزنامة المحور