الأحد 22 أيار , 2022 03:51

الاقتصاد المصري إلى الانهيار: ابحثوا عن تداعيات التطبيع!

السيسي ونتنياهو

مؤخراً برز تصريح لمديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، تشير فيه إلى ان "الأزمة أعمق وأكبر من أن تستطيع الدولة معالجتها وحدها وتحمل عواقبها دون المساس بأغلبية المصريين الذين يعانون من ظروف معيشية صعبة...أن أوضاع الاقتصاد المصري في تدهور، وتزداد سوءاً".

كانت رؤية الرئيس المصري أنور السادات تعتمد على وجهة النظر السائدة بأنّ إحدى طرق التقرّب من الولايات المتحدة هي من خلال "إسرائيل" ومن خلال موقف متسامح تجاه اليهود، فقد لجأ إلى الصلح والمهادنة تحت ذريعة تحسين الوضع الاقتصادي وعناوين النهوض والتنمية العريضة.

وللبحث في آثار هذا التطبيع على الاقتصاد المصري، هنا طرح لمختلف القطاعات الاقتصادية الرئيسية والإنتاجية المصرية ووضع البنية الاقتصادية والمالية قبل اتفاقية التطبيع وبعده، بهدف دحض الذرائع المدعاة لتبرير التطبيع اقتصاديًّا؛ وذلك بلغة الأرقام والإحصائيات التي تبين الفجوة الاقتصادية الكبيرة في مصر، والتي جاءت بدرجةٍ كبيرةٍ كنتيجةٍ للتعامل مع عدوٍ مستغلٍ طامع بالثروات.

-استنزاف القطاع الزراعي (التبعية المباشرة للتوريد الغذائي)

بدت نظرية التبعية جليةً إذا ما تعرضنا لما قام به البنك الدولي بالتعاون مع وكالة التنمية الأمريكية من خلال استراتيجية التنمية في قطاعي الزراعة والصناعة بغية جعل هيكل الاقتصاد المصري متسقًا مع متطلبات التطبيع الأمريكي الإسرائيلي، وما يتضمنه من مشاريع مشتركة مع العدو الصهيوني في سبيل زيادة التبادل التجاري مع مصر.

ففي الوقت الذي كانت فيه مصر تقوم على دعامتين أساسيتين: هما النيل وموقعها الجيواستراتيجي باعتبارها الجسر البري إلى آسيا؛ كان من الممكن أن يشكل ذلك مقومات أساسية لبناء قطاع زراعي قوي. ولكن ما حصل في فترة الحرب مع الكيان الإسرائيلي ومن ثم الصلح معه، حال دون نماء هذا القطاع وتطوره، بل عمل على تهميشه وإفقاده لميزاته ومقدراته.

حيث كانت الزراعة بمثلثها الرئيسي وزوايا الارتكاز الثلاثة التي تمثل الانتاج النباتي والانتاج الحيواني والتصنيع الزراعي عصب التنمية الزراعية والانتاج الزراعي. وحيث يمثل الناتج الزراعي 18% من الناتج القومي حاليًا، فقد كان في الستينات والسبعينات أكثر من 55% ما جعل مصر تتسم بوصفها بلدًا زراعيًا. وكان القطن المصري أحد أهم محاور مصادر الدخل القومي المصري.

وقد تمثلت الاستراتيجية، الموضوعة من قبل وكالة التنمية الأمريكية، في تغيير الهيكل المحصولي بشروطٍ تزيد من فرص المؤسسات الأجنبية وبالأخص الإسرائيلية في السيطرة على مدخلات هذا القطاع، خصوصًا من زاوية الخبرة الفنية، وعلى مخرجاته من حيث التسويق الخارجي، وذلك في إطار دراسات مكثفة سُميت بـ«ترشيد استخدامات مياه الري» التي كانت تهدف إلى تصدير مياه النيل إلى الكيان الإسرائيلي في مرحلة ما.

كما أنّ التحول الذي شهدته الزراعة في أعقاب اتفاقية "كامب ديفيد"، أدّى إلى اتساع ضياع الميزة النسبية لمصر في هذا القطاع وإنتاج القطن والغزل والنسيج، بعد الاتفاقيات التي وقّعت عليها وزارة الزراعة المصرية، مع وزارة الزراعة للكيان الصهيوني، والتي اقتضت تحويل مسار الزراعة في مصر من القطن طويل التيلة، إلى زراعة الخضر والفواكه، بحسب تحقيق استقصائي أذاعته قناة (DW) الألمانية في العام 2018، مما أدى إلى تجريف العديد من الأراضي الزراعية، وهرب الفلاحين من مصر باحثين عن فرص عمل في بعض دول الخليج العربي، لتعويض خسارتهم.

-تهميش القطاع الصناعي

أما قطاع الصناعة، وبالعودة إلى الاستراتيجية الموضوعة من قبل وكالة التنمية الأمريكية، فقد تشعب المخطط فيما يخصه، فمن ناحية صدرت التعليمات بوقف المشاريع العامة الجديدة، وفي الوقت نفسه قُدمت كل الحوافز لتنشيط القطاع الخاص في مجال الصناعة بهدف زيادة حجمه المطلق ووزنه النسبي، وذلك بواسطة المشاريع الصغيرة والمتوسطة بحيث يصلح كشريك محتمل للمستثمرين الأجانب.

كانت الحكومة الاسرائيلية موجودة وشريكة في كل ذلك، إذ شاركت في التخطيط والتنفيذ لخدمة مخططها الخاص في إطار المخطط العام. ما منحها حق المشاركة هو أن قواتها هي التي تحتل الأرض، وعليه فقد جعلت الانسحاب ورقة ضغط أساسية في المقايضة لانتزاع التنازلات الاقتصادية وغير الاقتصادية من الجانب المصري، علاوةً على تعاظم النفوذ الصهيوني داخل المؤسسات الأمريكية والدولية.

استمرت هذه الإجراءات الاقتصادية التي أضرت بالمصريين، بحسب الأكاديمية وأستاذة الاقتصاد بجامعة الأزهر، الدكتورة محيا زيتون " بدأ السادات الموجة التي استمر مبارك بها، وأجرى سياسات أكثر تقشفية ضد المصريين، فبدأت في عصره الخصخصة التي التهمت ما تبقى من دولة الاشتراكية، وانقضّ على الحركة العمالية عن طريق تفتيتهم، وتم تسريح الآلف من العمالة التي لم تجد لها الدولة بديلاً سوى انضمامهم إلى صفوف أصحاب المعاشات، مجهِزة على آخر ما تبقى للمصريين من أحلام الإنتاج الأساسي من السلع الاستهلاكية، وانهار الجنيه مقابل الدولار، حتى بدأت سياسات التعويم  التي كانت بمثابة حكم الإعدام على العملة المحلية، وسمحت بمزيد من الفجوة بين الطبقات؛ إذ لن يستفيد من هذا سوى الطبقات العليا، ورجال الأعمال، أما السواد الأعظم من الشعب، فيستمر في الهبوط الاقتصادي بلا منقذ".

فمنذ أن سلم السادات للولايات المتحدة توكيلاً لحل الصراع العربي الإسرائيلي، وقعت مصر رهينة هجوم مخطط عرف باسم «سياسة الخطوة خطوة» منذ عام 1974. ذلك الهجوم نجح في تحقيق أهدافه في منتصف عام 1977، إذ صاحب تلك الفترة تغيرات أصابت البنية الاقتصادية المصرية ودفعت السادات إلى الخضوع للشروط المفروضة عليه، ومن ثَمَّ التمهيد لعلاقات غير متكافئة مع الاقتصاد الاسرائيلي.

وقد جرت الحكومة الإسرائيلية مصر لعقد اتفاقية الكويز  التي تسمح بإنشاء مناطق صناعية مؤهلة لتصدير منتجاتها إلى الولايات المتحدة،‏ حيث تتمتع منتجات هذه المناطق بميزة الدخول الي السوق الامريكية معفاة من الجمارك بشرط مساهمة كل طرف بمكونات محليه تقدر بـ ‏11.7%‏ على الاقل وهذه النسبة تمثل ثلث النسبة المقررة ‏(35%)‏ التي حددتها اتفاقية التجارة للمكون الاسرائيلي للدخول إلى السوق الامريكية بإعفاء كامل‏، حيث تتضمن الاتفاقية ذاتها السماح للكيان باقتسام هذه النسبة سواء مع مصر أو الأردن.

إن "حجم العائد الاقتصادي الذي حققته مصر منذ تفعيل الاتفاقية عام 2005 وحتى الآن، بحسب ما يعتبر رجل الأعمال "مجدي طلبة" رئيس مجلس التصدير للصناعات النسيجية وأحد مهندسي الاتفاقية؛ لا يرتقي للأهداف التي رصدتها الدولة حينها، مشيراً إلى أن الاتفاقية تتيح فرص أمام مصر للوصول بصادراتها التي تتم من خلالها لأكثر من 10 مليار دولار، في حين أن المؤشرات الحالية لا تتجاوز الـ مليار دولار." وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية لا يوجد لديها القدرة على توفير المنتجات المطلوبة وفقًا لنسبة المكون الحالية ، مما أدى لقيام بعض الشركات الإسرائيلية لاستيراد بعض المكونات وتوريدها للشركات المصرية على أنها إسرائيلية، دون أن تقوم الحكومة المصرية بمراجعتها أو حتى مناقشة الجانب الإسرائيلي في ذلك الأمر ، وهو الأمر الذي تكرر كثيراَ ، حيث قامت الشركات الإسرائيلية بزيادة أسعار المكون دون الاتفاق مع الشركات المصرية، كما توقف إمداد الموقع الإلكتروني المتعلق بالاتفاقية بالبيانات اللازمة منذ عدة أعوام دون أن يحدث أي تدخل رسمي مصري   .

كما وأعلن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي أن حجم التجارة بين مصر والأردن وإسرائيل في عام 2007 بلغ حوالي 541 مليون دولار، استحوذ الأردن وحده على حوالي 306.9 ملايين دولار منها، فيما كانت القيمة الباقية، أي حوالي 234.1 مليون دولار، من نصيب مصر. وأشار تقرير المكتب إلى زيادة حجم الصادرات الإسرائيلية لمصر، حيث بلغت في الربع الأول من عام 2008 حوالي 40 مليون دولار بارتفاع نسبته 25% عن الفترة نفسها من عام 2007، وبلغ عدد المصدرين الإسرائيليين لمصر 329 شركة، كما مثّلت نسبة الصادرات الإسرائيلية لمصر خلال العام نفسه ثلث الصادرات الإسرائيلية إلى الدول العربية.

-خسارة الموارد النفطية

أعقب توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية انسحابًا جزئيًا من الأراضي المصرية، وعلى فور ذلك تم توقيع عدد من اتفاقيات التطبيع، كان أبرزها: الاتفاقية المتعلقة بترتيبات النفط مارس/آذار 1980، والتي ضمنت للكيان الحق في إجراء مشتريات تجارية عادية من النفط المصري، لكن الكيان الصهيوني خلال فترة الانسحاب الأول صعّد مطالبه وهدد بعدم الانسحاب من منطقة النفط (شعاب علي) ما لم تنفذ مطالبه.

وبالفعل تم مراده، فبات "الكيان يمتلك حصة منتظمة من النفط المصري وصلت لأكثر من مليوني طن سنويًا يحصل عليه بسعر يقل عن 5 دولارات في البرميل الواحد عن السعر السائد في السوق بالنسبة إلى النفط المصري، فضلاً عن اتفاقية النقل الجوي في مارس/آذار 1980، التي تشابهت ترتيباتها مع ترتيبات النفط.

وفي الوقت الذي بقي فيه الكيان لعقود خلت يأخذ النفط المصري بسعر زهيد، ويستورد الغاز كذلك، ويكبد مصر خسائر جمة في ذلك، فقد شرعت حكومة الاحتلال إلى تصدير الغاز من احتياطاتها البحرية إلى مصر وتُعتبر موافقة وزير الطاقة يوفال شتاينتز، جزءاً من عملية طويلة سيتحوّل الاحتلال بموجبها من مستورد للغاز الطبيعي من مصر إلى مصدّر له.

وقد اعتبر الوزير الإسرائيلي أن "تصدير الغاز إلى مصر من حقول لفيتيان وتمار يمثل أهم تعاون اقتصادي بين "إسرائيل" ومصر منذ توقيع معاهدة السلام بين البلدين". وستكون هذه المرة الأولى التي تستورد فيها مصر الغاز من دولة الاحتلال التي أبرمت معها معاهدة للسلام عام 1979.

كما أبرمت شركة «نوبل» ومقرّها الولايات المتحدة، وشركة «ديليك» الإسرائيلية صفقة بقيمة 15 مليار دولار مع شركة «دولفينوز» المصرية لمدة عشر سنوات لتزويدها بـ 64 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.

ويُقدر احتياطي الغاز في حقل «تمار» الذي بدأ الإنتاج فيه عام 2013 بحوالي 238 مليار متر مكعب، في حين يحتوي حقل «لفيتيان» المكتشف عام 2010 على 535 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى 34 مليون برميل من المكثفات. ووفق وزير الطاقة الإسرائيلي فإن الحجم الكبير للصفقة مع مصر سيجعل "إسرائيل" «شريكاً مهماً في الاقتصاد الإقليمي للطاقة»، مضيفاً أن "ثروة الغاز الطبيعي... ستدرّ دخلاً كبيراً على الدولة وستخفض من تلوّث الهواء" وتأمل دولة الاحتلال أن تساعدها احتياطاتها من الغاز على تقوية الروابط الاستراتيجية في المنطقة وإقامة علاقات جديدة مع التركيز على السوق الأوروبية.

بموجب الاتفاق التاريخي، تشتري شركة خاصة في مصر هي "دولفينوز القابضة" 85 مليار متر مكعب من الغاز بقيمة 19.5 مليار دولار من حقلي لوثيان وتمار الإسرائيليين على مدى 15 عامًا. وذكر مصدران نفطيان من مصر أن البلاد بدأت تلقي الغاز الإسرائيلي بواقع 200 مليون قدم مكعبة يوميًا، على أن تزيد الكمية تدريجيا".

ووفقا للاتفاقية الخاصة بالحدود المصرية القبرصية، هناك تقديرات عديدة، تشير إلى أن مصر فيها قد تنازلت عن شريط مائي مساحته ضعف مساحة دلتا النيل، أي حوالي 40 ألف كيلومتر مربع، لصالح اليونان، مما منح اليونان حق الاستغلال الاقتصادي لجزيرة "كاستلوريزو"، وهو ما جعل الحدود البحرية لكل من اليونان وقبرص الرومية تتماس، وتخرج مصر من هذه المنطقة القريبة من شمال دمياط، وهو ما يسمح بتمرير أنبوب الغاز المشار إليه بين الكيان الإسرائيلي وكلٍّ من أثينا ونقوسيا، من دون أن يدفع رسومًا لمصر.

بالإضافة إلى أن ذلك سوف يوفر للكيان الإسرائيلي ملايين الدولارات سنويًّا؛ فإنه كذلك إجراء احترازي لاعتبارات الأمن القومي الإسرائيلي؛ حيث لا يريد الكيان أية سيطرة مصرية على مشروعاتها السيادية، تحسبًا لأية خلافات مستقبلية. على عكس "عدم تأني" القاهرة في ترسيم حدودها البحرية مع قبرص الرومية واليونان، مما أدى إلى تحقيق الكيان الإسرائيلي للكثير من المكاسب على هذا الصعيد.

فعلى أبسط تقدير، ساهمت الاتفاقيات المصرية في تكريس سيطرة الكيان الإسرائيلي على مكامن الغاز المسروق من داخل حدود المياه الاقتصادية للبنان ومصر وقطاع غزة، وبالتالي؛ سمح ذلك للكيان – على سبيل المثال – بإبرام اتفاقيات طويلة المدى، مع كل من مصر والأردن، لتصدير الغاز الإسرائيلي لكلا البلدين، وبلغت الصفقة مع الأردن 10 مليارات دولار، على مدار 15 عامًا.

الغاز الإسرائيلي المصدَّر إلى الأردن، بموجب اتفاق وُقِّع بشكل نهائي، في السادس والعشرين من سبتمبر الماضي، بين شركة الكهرباء الوطنية الأردنية، وشركة "نوبل إينرجي" الأمريكية، يشمل إمدادات غاز "إسرائيلية" من حقل "ليفاثان" (احتياطي 18 تريليون متر مكعب من الغاز)، الذي يبُعد بحوالي 190 كيلومترًا شمال دمياط، و235 كيلومترًا من حيفا، أي أنه إما يقع في المياه الاقتصادية الخالصة المصرية أو نظيرتها التابعة لقطاع غزة.

وتقول الحكومة إن احتياطيات الغاز حولت الكيان الإسرائيلي إلى لاعب إقليمي ووطدت العلاقات مع "جارتين" عربيتين. وتعاونت إسرائيل أيضًا مع قبرص واليونان في خط أنابيب مزمع وصوله إلى أوروبا بقيمة 6 مليارات دولار، مما عزز موقعها.

-الهيكل الهش والمكشوف للموارد

تم استغلال الزيادة التي حققتها مصر في مواردها -بفعل الدعم الخارجي- لضمان استمرارية الاعتماد المصري على الخارج وتكريس التبعية له. إذ تم تقليص سلطة الإدارة المركزية في رسم السياسات الاقتصادية الملائمة. وقد ساهم في ذلك انفتاح الاقتصاد المصري على الأسواق الغربية بشروط، قام صندوق النقد الدولي بإملائها عبر تعليماته التقليدية تحت مسمى «تحرير التجارة» و«إطلاق حركة الأسعار المحلية» كي يتناظر هيكلها مع الهيكل القائم في الأسواق الغربية.

وقد أدى قصور الصلاحيات المركزية في مجال التجارة الخارجية إلى عجز متفاقم ومزمن في ميزان المدفوعات. فعلى الرغم من الطفرة الهائلة في موارد النقد الأجنبي في القطاعات الأربعة (النفط والقناة والسياحة والعاملين في الخارج) بفضل المساعدات الأمريكية، إلا أن حجم الدين الخارجي على الجانب الآخر أخذ في التصاعد لأكثر من 30 مليار دولار آنذاك.

-معدلات الديون المصرية

أمّا الميزان التجاري المصري، والذي هو عبارة عن الفارق بين الإيرادات والنفقات العامة بالموازنة، حيث قدر العجز الكلي بـ 445 مليار جنيه مصري (ما يعادل 26 مليار دولار) في مشروع موازنة العام المالي 2019/2020، كما تمثل أعباء الدين العام المتصاعد بشكل كبير نحو 83% من الإيرادات العامة للدولة المصرية، ولا يتوقع أن تخرج مصر من مأزق عجز التمويل وزيادة المديونية في الأجلين القصير والمتوسط. إن تقرير البنك الدولي مؤخرًا حول مصر كان صادمًا، والذي أشار إلى وصول معدلات الفقر بمصر إلى حوالي 60%، وأن الطبقة المتوسطة التي تعتبر مصدر المدخرات، تزداد معاناتها بشكل كبير، وأن عدم المساواة في ازدياد. كما ُتمثل الفجوة الكبيرة بين صادرات وواردات مصر السلعية، واحدة من المشكلات المزمنة، وحسب أرقام ميزان المدفوعات للعام المالي 2017/2018، يتبين أن العجز التجاري بحدود 37.2 مليار دولار، فالصادرات السلعية بحدود 25.7 مليار دولار، بينما الواردات السلعية 63 مليار دولار، فضلًا عن أن الصادرات النفطية تمثل نحو 33.7% من إجمالي الصادرات السلعية.   

وبالنظر إلى تصرفات الإدارة الاقتصادية بمصر، نجد أن توظيف الموارد المالية المحدودة، يتم بطريق الخطأ عبر توجيه هذه الموارد لمشروعات غير ضرورية من ناحية، وغير إنتاجية من ناحية أخرى، ما يعني أن مصر سوف تستمر في التبعية للخارج في استيراد الغذاء والعدد والآلات ووسائل المواصلات، وكذلك استيراد التكنولوجيا، ومن هنا سوف تتعمق الفجوة الإنتاجية في مصر على مدار الأجلين القصير والمتوسط.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور