الأحد 06 شباط , 2022 05:18

أبو إبراهيم القرشي: الزعيم الذي وشى عن 68 من عناصره

أبو إبراهيم الهاشمي القرشي

تتسارع الأحداث في المنطقة حسب إيقاع النقاط التي يحاول تجميعها الرئيس الأميركي جو بايدن في الانتخابات النصفية للكونغرس، وهو ما قد يفسر إصراره على تحقيق تقدم ملحوظ فيما يتعلق بالمفاوضات النووية التي تجري في فيينا، إضافة لاستهداف زعيم تنظيم داعش الإرهابي الوهابي وقتله شمال غربي إدلب السورية.

حرصت الولايات المتحدة وكل المجموعات التي تعامل معها أبو إبراهيم الهاشمي القرشي على التكتم الشديد على هويته وهو ما كان يهتم به أيضاً. لكن ما يثير الاهتمام هو ما كشف عنه موقع ميديل ايست آي، حيث أشار في مقال له إلى ان القرشي كان مخبراً لواشنطن بعدما نفذ العديد من العمليات ضدها، بل وقدم لها أسماء أكثر من 60 عنصراً في التنظيم. النص المترجم:

باعتباره أحد أهم المطلوبين في العالم، كانت الحكومة الأمريكية قد عرضت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن مكان أبو إبراهيم الهاشمي القرشي. يحاول التنظيم إخفاء قادته، فلم يظهر زعيمه السابق، أبو بكر البغدادي، سوى ثلاث مرات في وسائل إعلام تابعة للتنظيم خلال السنوات التسع التي قضاها في منصبه، فيما تم كشف بعض التفاصيل عن القرشي، خلال عام ونصف العام من زعامته للتنظيم.

من ضابط في جيش صدام حسين، إلى مُخبر لدى القوات الأمريكية، إلى زعيم تنظيم الدولة، إليك ما لا تعرفه عن الزعيم الغامض.

من تلعفر

وُلد مولى، المعروف أيضًا باسم عبد الله قرداش أو حجي عبد الله، سنة 1976 في تلعفر شمال العراق، وهي بلدة ذات أغلبية تركمانية. ووفقاً لتحقيق نشرته شبكة "بي بي سي عربي" السنة الماضية، كان والده مؤذنًا ومتزوجاً من امرأتين.

بعد تخرجه من كلية التربية الإسلامية بجامعة الموصل، عمل مولى لمدة 18 شهرًا كضابط في جيش صدام حسين على حدود بغداد. وبعد الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003، بدأ مشواره كمقاتل متشدد.

انتقل بعد ذلك إلى الموصل لنيل درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية، ثم حصل على ترقية في صفوف القاعدة ليصبح قاضياً في صفوف التنظيم.

سنة 2008، داهم جنود أمريكيون منزل مولى في الموصل وسجنوه في معسكر بوكا في مدينة أم قصر جنوب العراق، وكان أبو بكر البغدادي مسجونًا هناك أيضًا. منذ ذلك الحين، أطلق العديد من المسؤولين على السجن اسم "الجامعة الجهادية" بسبب التدريب والتلقين العقائدي الذي حصل عليه المساجين من هناك.

تم استجواب مولى بشكل متكرر لعدة أشهر قبل إطلاق سراحه سنة 2009.

علاقته بالبغدادي

بمجرد إطلاق سراحه، انضم مولى إلى البغدادي، الذي كان زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق -فرع تنظيم القاعدة في العراق-، وتم تعيين مولى قائدا في محافظة نينوى شمال العراق.

مثل البغدادي، تم اختيار مولى وتهيئته للقيادة في الخفاء، وتم إبعاده عن أي قتال.

شارك في إدارة "خلافة" الدولة الإسلامية قبل مقتل سلفه، وقام بتدريب القضاة والزعماء الدينيين وشغل مناصب مختلفة مماثلة لمناصب الوزراء.

بحسب بعض التقارير، فإنه دافع بقوة عن استعباد النساء الإيزيديات عندما سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على سنجار في شمال العراق في سنة 2014.

وكشفت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أنه مع تصفية كبار قادة التنظيم بسبب هجمات التحالف، وبداية انحسار المناطق التي يسيطر عليها، تم ترقية مولى ليصبح الذراع اليمنى للبغدادي، وكان مسؤولاً عن الشؤون المالية للتنظيم أثناء إعادة هيكلته.

خسر تنظيم الدولة آخر رقعة من مناطق سيطرته بعد معركة دامية استمرت شهورًا للسيطرة على بلدة الباغوز في سوريا في آذار/ مارس 2019.

بعد خمسة أشهر، قتل البغدادي نفسه وثلاثة أطفال، بتفجير حزام ناسف، بعد أن طاردته كلاب عسكرية داخل نفق، حيث داهمت القوات الأمريكية الخاصة مكان إقامته في قرية باريشا قرب الحدود التركية. بعد خمسة أيام من وفاته، تم اختيار مولى خليفة في أكتوبر/ تشرين الأول 2019.

لم يكن تعيينه يحظى بتأييد كبير، حيث وصفه بعض أنصار تنظيم الدولة بـ "الخليفة المنعزل" و"المجهول"، كما شكك آخرون في مؤهلاته الدينية وما إذا كانت عائلته عربية أو تركمانية. حسب اسمه الحركي الجذاب، القرشي، فإن أصوله تعود إلى قبيلة قريش.

كان تنظيم الدولة الذي تزعمه مولى ظلا للتنظيم الذي بلغ ذروته سنة 2015. لقي الآلاف من ضباطه وجنوده مصرعهم، فيما احتُجز كثيرون في سجون مكتظة في سوريا والعراق.

انشق بعض المقاتلين عن التنظيم، لكن الآلاف ظلوا موالين لفكره وشكلوا خلايا نائمة، بعضها حُشد مؤخرًا في محاولة جريئة لاقتحام سجن الصناعة في الحسكة.

الخليفة الواشي

تم تقويض زعامة القرشي في أيلول/ سبتمبر 2020، عندما أصدر مركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت، مذكرات لثلاثة من أصل 66 استجوابًا في سجن بوكا سنة 2008.

لم يُعرف الكثير عن الفترة التي قضاها مولى في السجن لدى الأمريكان، لكن الملفات أشارت إلى أنه أعطى 68 اسمًا من أسماء مقاتلي القاعدة وقادة التنظيم في الموصل. وزعمت مذكرات الاستجواب أنه حدد أسماء بعض الشخصيات البارزة التي تقف وراء الاغتيالات وعمليات الاختطاف وصنع العبوات الناسفة لاستهداف قوات التحالف.

كان أحد الأشخاص الذين ذكرهم مولى أبو جاسم أبو قسورة، الذي يُعتقد أنه الرجل الثاني في تنظيم القاعدة في العراق في ذلك الوقت، والذي قتلته القوات الأمريكية بعد ثمانية أشهر من اعتراف مولى.

وقال هارورو إنغرام، الباحث البارز في برنامج التطرف بجامعة جورج واشنطن، في ذلك الوقت، إن الوثائق ستهز الثقة في قيادة تنظيم الدولة.

وأضاف إنغرام خلال ندوة عبر الإنترنت: "ما تكشفه الوثائق على الأرجح هو أن تنظيم الدولة يعاني من مشكلة اختراق، وهي في المستويات العليا. لدينا أساسًا خليفة واشٍ موجود هناك".

وقالت جينا ليغون، أخصائية علم النفس التنظيمي، إن الوثائق أظهرت الكثير من الرغبة في الانتقام، واعتبرت أن مولى يحمل الضغائن بسهولة. أضافت ليغون أنه من المحتمل أنه كان ينظر إلى الآخرين على أنهم مجرد أدوات يمكنه التخلص منها "لقد كانوا مفتاح الإفراج عنه، لذلك تخلى عنهم".

عودة ظهور تنظيم الدولة

ما يزال تنظيم الدولة حاليا بلا أرض، لكن الهجوم على السجن الأسبوع الماضي يؤشر إلى أنه لا يزال يمتلك أسلحة ومقاتلين موالين له.

في مخيم الهول، حيث تحتجز السلطات الكردية النساء المشتبه في انتمائهن إلى التنظيم، مع أطفالهن، قام التنظيم باغتيال المحتجزين وقطع رؤوس عدد من الأشخاص. كما قُتل 11 جنديا عراقيا في هجوم شنه مقاتلو التنظيم في كانون الثاني/ يناير بمحافظة ديالى شرق العراق.

وكان مبعوث وزارة الخارجية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم، قد حذر في تموز/ يوليو الماضي من أن تدهور الأوضاع الاقتصادية في العراق وسوريا يمهد الطريق أمام تنظيم الدولة لإعادة تشكيل صفوفه.


المصدر: ميدل إيست آي




روزنامة المحور