الإثنين 18 تشرين أول , 2021 03:50

بين أنقرة وواشنطن: أزمة اس 400 أم تصعيد؟

اردوغان وبايدن

جولة أخرى من الاضطرابات تشهدها العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة. ولا تزال الخطوة التي أقدمت عليها أنقرة بشراء اس 400 من موسكو هي الأكثر استفزازاً لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن التي تعتبر ان إتمام مثل هذه الصفقات بين تركيا وروسيا يعزز التقارب غير المرغوب بالنسبة لواشنطن.

صحيفة "فايننشال تايمز" أشارت في تقرير لها، إن تركيا لديها مشكلة طائرات مقاتلة. فقد منعت الولايات المتحدة تركيا من استلام طلبيتها المؤلفة من أكثر من 100 طائرة من الجيل الجديد من طراز "أف 35" والتي كان من المفترض أن تشكل العمود الفقري لقواتها الجوية، كعقاب على قرار رجب طيب أردوغان شراء نظام الدفاع الجوي الروسي "إس 400" من فلاديمير بوتين.

وتأمل أنقرة يوما ما في سد الفجوة في سلاحها الجوي من خلال بناء مقاتلة تركية الصنع. ولكن نظرا لأن هذه الطائرة ليست جاهزة، فهي تعتمد في الوقت الحالي على أسطول قديم من طائرات "أف 16".

وهذا ما يفسر الطلب الأخير الذي قدمته أنقرة إلى واشنطن للحصول على 40 طائرة أحدث من طراز "أف 16" من صناعة شركة لوكهيد مارتن، بالإضافة إلى معدات التحديث لما يقرب من 80 من طائراتها الحالية.

وتقول تركيا، التي تخضع لعقوبات أمريكية على صناعتها الدفاعية منذ كانون الأول 2020 بسبب عقد نظام الدفاع الروسي إس-400، إن الصفقة ستكون مربحة للجانبين. وستساعد تركيا على تحديث قوتها الجوية، في وقت تشتري اليونان -جارتها ومنافستها منذ فترة طويلة- طائرات رافال الفرنسية وطائرات "أف 35" الأمريكية. في حين أن أمريكا تعتبر "إس 400" تهديدا لأمن الجيل الخامس من الطائرات، لكن قد لا تظهر نفس المشكلة مع "أف 16" الأقدم.

لن تكون الصفقة مربحة لصناعة الدفاع الأمريكية فحسب، بل ستساعد أيضا في إصلاح العلاقات المتوترة بين أمريكا والحلفاء الغربيين، الذين ليس لديهم مصلحة في اقتراب أردوغان من بوتين.

يقول ألبير كوسكون، الدبلوماسي التركي السابق المقيم الآن في واشنطن في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: "تشكل هذه فرصة.. فهذا من شأنه أن يضمن أن صناعة الدفاع التركية، أو على الأقل عنصرا مهما منها، ستستمر في الاندماج في العلاقة عبر الأطلسي. إنها طريقة للخروج من المعضلة التي نواجهها والتي سيكون لها تأثير مضاعف في الكثير من المجالات الأخرى".

لكن من غير الواضح ما إذا كانت أمريكا ستستجيب. فالكونغرس الذي يمكنه منع البيع، معاد لأردوغان لقائمة طويلة من الأسباب، بما في ذلك انتهاكات حقوق الإنسان والعمليات العسكرية ضد القوات الكردية المدعومة من أمريكا في سوريا.

حتى لو كانت إدارة جو بايدن أكثر ميلا للتدخل لصالح أردوغان -كما تعتقد أنقرة- فإن تصميم الزعيم التركي على شراء المعدات الروسية من خلال شراء نظام دفاع جوي ثانٍ من طراز "إس-400" لن يساعد. وفي تصريح لـ"سي بي إس نيوز" قبل أيام من تقديم طلب شراء طائرات "أف 16" قال أردوغان: "في المستقبل، لن يتمكن أحد من التدخل فيما يتعلق بنوع أنظمة الدفاع التي نشتريها، ومن أي دولة، وعلى أي مستوى".

ويقول آرون شتاين، مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد أبحاث السياسة الخارجية ومقره فيلادلفيا، إن قضية "إس400" هي "العائق الرئيسي" أمام الحصول على صفقة الطائرات المقاتلة من خلال الكونغرس، و"ليس على أساس التهديد، ولكن على أساس الانزعاج" ربما يريد الكونغرس الغاضب تنازلات من أردوغان بشأن المعدات الروسية الموجودة بالفعل في تركيا والتزاما بعدم شراء النظام الثاني.

لكن الرئيس التركي، الذي يتهم أمريكا بالفشل في تقديم بديل أمريكي له، من غير المرجح أن يتنازل عن مواقفه.

ويخلق الوضع ورطة لإدارة بايدن. إن الضغط من أجل الحصول على ضوء أخضر لبيع "أف 16" دون أي شروط سينظر إليه من قبل منتقدي تركيا على أنه تهدئة لا مبرر لها. ولكن إذا تم رفض الصفقة، فستجد أنقرة عذرا جاهزا للجوء إلى روسيا.

وتتابع الصحيفة إن تعميق التعاون الدفاعي التركي مع موسكو لن يخدم مصالح أنقرة. ليس من المرجح أن يؤدي ذلك إلى مزيد من العقوبات الأمريكية فحسب، بل سيكون ضارا أيضا بتوسيع صناعة الدفاع المحلية التي شجعها أردوغان نفسه. ومع ذلك، فإن القلق هو أنه قد يشعر أنه ليس لديه خيار آخر. خلال رحلة عام 2019 إلى معرض جوي روسي، حيث تناول البوظة مع بوتين وشاهد معدات الدفاع الروسية، سأل أردوغان نظيره الروسي، ممازحا، عن شراء إحدى مقاتلاته من طراز "سو-27". بعض المسؤولين الغربيين قلقون الآن من أن السخرية يمكن أن تصبح حقيقة واقعة.

وإذا لم يوافق الأمريكيون على هذه الصفقة فماذا ستفعل تركيا؟ يقول دبلوماسي أوروبي حريص على الموافقة على بيع طائرات "أف 16": "عليهم أن يسدوا هذه الثغرة".


المصدر: فايننشال تايمز

الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور