الأربعاء 13 تشرين أول , 2021 06:41

سادة عند الولي الفقيه

الامام القائد السيد علي الخامنئي والسيد حسن نصرالله

يخطئ الكثيرون، حينما يعتبرون أن العلاقة بين حزب الله والجمهورية الإسلامية الإيرانية تشبه العلاقة بين أمريكا وأي تابع لها في منطقة، دولة كانت أو مملكة أو حتى فريق سياسي عريض مكون من عدة أحزاب وقوى سياسية. فالعلاقة ما بين الحزب وإيران أعمق بكثير، حتى باتت عبارة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله هي العنوان الأدق لتوصيفها "نحن سادة عند الولي الفقيه".

نعم، فالحزب وتحديداً من خلال قيادة السيد نصر الله، بات يشكل ما هو أبعد من الحليف لإيران، بل الشريك في صنع السياسات الإقليمية لمحور المقاومة. وهذا ما لا يصرح به عادة، بل هو مخزون في تفاصيل الأحداث والوقائع التي حصلت في المرحلة السابقة، لكن يحصل بعض البوح عنه مرات، خصوصاً خلال الحديث عما جرى في الحرب السورية. ففي مذكرات للشهيد العميد حسين همداني والتي سميت بـ رسائل الأسماك " بيغام ماهي ها"، أبرز ما جاء فيها، أنه أعد وثيقة استراتيجية تتناول الأوضاع السورية ورؤيته للحل هناك، وكانت مؤلفة من أكثر من 100 خطوة وإجراء. بعد إتمامها عاد من سوريا الى إيران، وقدم هذه الخطة الى الشهيد الفريق قاسم سليماني الذي ناقشه فيها خلال لقاء استمر عدة ساعات. وبعد انتهاء الاجتماع، وافق الحاج سليماني على هذه الخطة، لكنه طلب عرضها على السيد نصر الله وأخذ موافقته على الخطة، معللاً ذلك بأن الإمام القائد السيد علي الخامنئي قد قال بأن السياسات الكلية للمقاومة وسوريا يجب أن تكون تحت إشراف السيد حسن نصر الله. وفعلاً قام الشهيد همداني حينذاك، بالقدوم الى بيروت وعرضها على السيد نصر الله.

هذا الأمر إن دل على شيء، فعلى القيمة التي بات يمثلها السيد نصر الله والحزب، عند الإمام الخامنئي، الذي أسس لهذا الشكل قي العلاقة، منذ بداية تشكيل حزب الله في الثمانينيات. حينما تولى شخصياً مسؤولية التواصل المباشر مع الحزب كممثل للإمام الخميني (رض)، ولاحقاً عند استلامه لمسؤوليات القيادة، حين أعرب عن رغبته بمواصلة أداء هذا الدور. كما أن السيد نصر الله كشف أن من جملة خبايا بدايات هذه العلاقة، عدم وجود الشكليات فيها من جهة، وإصرار السيد القائد الخامنئي منذ اللقاءات الأولى، على ألا يكون هو المقرر نيابة عن الحزب وقيادته، بل سيكون المستمع ومن يقدم النصائح فقط، وعلى قيادة الحزب اتخاذ القرارات التي تتناسب مع مصالح بيئتها الشعبية ولبنان. وتجدر الإشارة هنا، إلا أن الإمام الخامنئي مضطلع وخبير بالأوضاع اللبنانية وبتفاصيلها الدقيقة جداً، ومدرك للتركيب السياسي المعقد فيه، فكان من نصائحه الأساسية للحزب في البدايات، العمل على الوحدة الوطنية في كل المستويات والأبعاد. كما أن مصادر في بيت القائد قد كشفت في مرات عدة، أن الامام الخامنئي يكون سعيداً جداً ويظهر ذلك من خلال ابتسامته العريضة حين استقباله للسيد نصر الله، وهي من الحالات اللافتة.

 

وفي جانب مهم من العلاقة، فإن للحزب دوره الأساسي أيضاً في وضع سياسات المحور العسكرية أيضاً. وهذا ما ظهر جلياً بعد معركة سيف القدس، من خلال إعلان المعادلة الإقليمية لحماية مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى، وقبلها ما بعد اغتيال الشهداء القادة الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس ورفاقهما، حينما أعلن عن بداية مرحلة طرد القوات الأمريكية من المنطقة.

وعليه، تقدم هذه العلاقة نموذجاً فريداً لا مثيل له في تاريخ العلاقات الدولية، التي قد تجمع دولة بحزب موجود في دولة أخرى. هذا النموذج من العلاقات، لا يمكن تعميمه سوى في محور المقاومة وعنوانه ببساطة "سادة عند الولي الفقيه".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور