الأربعاء 04 آب , 2021 06:30

قرار الحسم نهائي وإنهاء حالة الوضع الراهن في درعا

الجيش السوري

حان وقت الحسم، واختيار التوقيت بعد استلام الرئيس السوري مهامه، وتشكيل الحكومة يعد توقيتاً منطقياً. وأذنت نهاية مرحلة الأمر الراهن في درعا. فملف درعا أعقد بكثير مما يظنه البعض، وهو يشكل المرحلة الأولى في بداية الحسم في معركة الشمال السوري مع المجموعات الإرهابية في إدلب وراعيها التركي.
يتجمع الإرهابيون في درعا في ريفها الغربي بشكل أساسي، وقد تم تحرير الريف الشرقي والمدينة ما عدا منطقة البلد القديمة منذ العام 2018. ودخلت المحافظة بعدها في سلسلة من المصالحات بضمانة الروسي. ولكن هذه المصالحات لم تأت بما هو مطلوب منها من أمن وأمان المنطقة. وهذا الأمر كان قد أكد عليه الرئيس بشار الأسد خلال خطاب القسم، وهو "أمن المواطن"، وبالتالي بقيت المنطقة تعاني من اغتيالات لشخصيات حكومية وشخصيات شعبية رعت المصالحات. وللأسف، بقيت مراكز الجيش العربي السوري في المنطقة الغربية تتعرض للهجوم، وقد استشهد العديد منهم خلال الهجومات الإرهابية، وخاصة على باصات نقل أفراده. 
لدرعا أهمية خاصة في موقعها الجغرافي، فهي تقع على الحدود مع كل من الأردن، ومثلت ممراً للإرهابين إلى سوريا، وبخاصة إرهابيي تنظيم النصرة. ومن المحافظة اعتُمد الهجوم من الجهة الجنوبية على مدينة دمشق لإحتلالها في العام 2012. وفي نفس الوقت، تمتد أراضي حوران في ريفها الغربي، وهو اسم المنطقة التاريخي وحتى اليوم، لتصل إلى أراضي الحمّة السورية المحتلة ومرتفعات الجولان. ولذلك فهي تشكل مصدر قلق للاحتلال الاسرائيلي، وخاصة بعد أن ابتدأت المقاومة في لبنان استطلاع الأراضي المحاذية لمدينة القنيطرة في مرتفعات الجولان.
كان من المفترض أن تبدأ عملية تنظيف ريف درعا الغربي الذي يعج بإرهابي المصالحات في أول هذا العام، وتأهب الجيش العربي السوري للمداهمات وخاصة في مدينة طفس. ولكن وبحسب مصادر محلية اجتمع كبار العائلات في طفس مع قيادة المخابرات والأمن العسكري في ضاحية اليرموك، على طريق بلدة المزيريب في ريف درعا الغربي. وتم يومها تنفيذ اتفاقات بتسليم مطلوبين وتسليم السلاح، بعد أن هدد الجيش يومها أنّ الدخول إلى طفس لن يكون بدون قصف مدفعي وصاروخي تمهيدي للتأكد من عدم اختباء العناصر الإرهابية في البيوت وما بين الأهالي قبل دخول الجيش. وحتى أن كبار العائلات قاموا يومها بتسليم أبناءهم الذين هاجموا الجيش ومن ثم تم اطلاقهم بتعهد الكبار. 
ولكن لم تتوقف العمليات الإرهابية المتفرقة ضد الجيش من اغتيالات وخطف، ومنذ 28 تموز/ يوليو، تشهد درعا البلد توتراً غير مسبوق ما بين الجيش والعناصر الإرهابية المسلحة مما أدى إلى نزوح بعض الأهالي إلى الحدود مع الأردن مجدداً، كما استقدم الجيش تحشيدات ضخمة تجهيزاً لبدء عملية واسعة لتنظيف درعا البلد بالقوة.
مصادر قالت إن كل من القيادات الصغيرة والعناصر في الجيش السوري باتت متململة من تأخير العمليات ضد الإرهابيين، بالتأكيد هم يثقون بقيادتهم! ولكن ازدياد حوادث الإغتيالات والهجوم التي يتعرضون لها يجب وضع حدّ لها. وفي هذا الإطار وبعد هجوم منذ عدة أيام على دورية في درعا البلد ابتدأت العمليات في المدينة القديمة. إلّا أنّ الجيش السوري، بحسب ما تم تداوله، جمد العمليات 24 ساعة كمهلة، كي يقوم المسلحون بتنفيذ اتفاق التسوية، الذي يقضي بتسليم السلاح المتوسط والخفيف وفتح طريق درعا وتسهيل دخول الجيش لإقامة نقاط في درعا البلد، وتسوية أوضاعهم. ولكن يبدو أن ذلك لم يحدث.
في ريف درعا الغربي معظم المسلحين الإرهابيين هم من داعش، فمعظم مقاتلي النصرة تم إخلائهم من درعا بعد انتهاء المعارك في العام 2018، وعودة درعا إلى حضن الدولة. ولكن بقيت بعض المجموعات التي هربت إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو إلى قاعدة التنف الأميركية، وهم بمعظمهم من الدواعش، وتطل كل فترة برأسها كما الأفاعي لتنفيذ عمليات اغتيال لعناصر أمنية، أو لمن رعوا المصالحات في المحافظة. وتقع إدارة المجموعات الداعشية، كما قالت بعض المصادر، في قاعدة التنف. والهدف إبقاء المدينة في حالة من التوتر. والوضع معقد في درعا بسبب العلاقات العائلية في المدينة، وتتدخل به دول عدة، وأهمها الروسي، والأميركي الذي يحاول رفع منسوبه، وبعض الطفيليات في الكيان العبري والأردن وتركيا.

البارحة، وتزامناً مع عيد الجيش العربي السوري في 1 آب، زار درعا وزير الدفاع، علي عبدالله أيوب المدينة. تاريخ لن ينسى ابتدأت في مساءه العمليات العسكرية من أجل تنظيف ريف درعا الغربي وطال القصف الصاروخي والمدفعي مراتع الإرهابيين في المدينة القديمة، وفي كل من بلدات المزيريب وطفس واليادودة. وبحسب مصدر دبلوماسي سوري سابق، فإن زيارة الوزير تحمل رسالة مفادها أن الحسم نهائي وبالتالي عودة درعا كاملة إلى الدولة وسيطرة الجيش السوري واخراج المسلحين الإرهابيين منها، وهو ما تخشاه اسرائيل. ولكن اليوم يسود الهدوء النسبي في المنطقة، لكن من المؤكد أن درعا ذاهبة نحو الحسم النهائي.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع


الكاتب: عبير بسام




روزنامة المحور